Saturday 1 September 2012

لا للمتاجرة بملف اللاجئين السوريين

لا للمتاجرة بملف اللاجئين السوريين
بقلم:حاتم السرالمحامي(*)
hatimelsir@gmail.com
تحاول بعض وسائل الاعلام العالمية جاهدة عبر مراسليها الدخول الى معسكرات ومخيمات اللاجئين السوريين في تركيا والاردن لنقل وتغطية ما يجرى داخلها من قصص وحكايات،بيد أنه لا يعرف معاناة اللاجئين الحقيقية الا من عاش شظف حياة اللجؤ، ولا يحس بقساوة أوضاع اللاجئين الا من جرب بؤس اللجؤ وإصطلي بجحيم نيرانه،ولا يدرك تعاسة اللجؤ الا من عاش في معسكراته،تعاسة اللاجئ لا تتحول الى سعادة إلا بعد عودته  الى أهله و دياره.
تعتبر عمليات اللجؤ والنزوح والهجرة إحدى أسوأ إفرازات الحروب،فعندما تتعرض المدن والبلاد الى الحرب وتتحول المساكن الى ساحات معارك مفتوحة وتلحق بها عمليات القصف والحرق والابادة وتصاب بالخراب والدمار يبدأ الاهالي والسكان في عمليات النزوح الداخلي او اللجؤ الخارجي حسب مقتضيات الامر و ذلك بحثاً عن أماكن آمنة للاقامة ودائماً ما تكون فئات الاطفال والنساء والكهول والمرضى هم أكثر الفئات تضرراً.و تكون دول الجوار الاقليمي للدولة المحتربة هي أوفر الدول حظاً في تحمل أعباء إستقبال اللاجئين المدنيين الفارين من جحيم الحروب وأعمال العنف.
وأنا أشاهد هده الايام صوراً مأساوية لمجازر النظام السوري وحملات الاعدام الجماعى وعمليات التعديب الوحشي التى أدت بدورها الى تخوف الاهالي وإنتظامهم في حملات لجؤ خارجى عبر الحدود هروباً من القصف المدفعي والجوى الـذى لا يفرق بين صغير او كبير. تدكرت ما كان وما يزال يحدث في السودان من عمليات نزوح ولجؤ للمواطنين في مناطق الحروب والعمليات العسكرية في دارفور وشرق السودان والنيل الازرق وكردفان وجنوب السودان أدت الى تدفق أعداد بشرية مهولة من اللاجئين السودانيين الى دول الجوار في أرتريا وأثيوبيا وفي تشاد وفي كينيا ويوغندا وفي مصر.
وبمناسبة الجدل الدائر حالياً بشأن أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا والاردن تـذكرت تجربة دولة أرتريا مع اللاجئين السودانيين وكيف أنها فتحت أبوابها من غير قيد ولا شرط لاستقبالهم إبان سنوات الحرب وكيف أنها قاسمتهم لقمة العيش والمسكن والمأكل والمشرب برضاء نفس وعن طيب خاطر وهي دولة ناشئة حديثاً ومحدودة الموارد فتحت لللاجئين السودانيين ابواب المدارس والجامعات والمستشفيات والصيدليات كما تفتح للمواطنين وأتاحت لهم استخدام بنياتها التحتية علي قدم المساواة مع مواطنيها دون أن تحتاج الى الاستعانة باصدقاء لتقديم العون ولم تلجأ للامم المتحدة لتتاجر بملف اللاجئيين السودانيين فعاشوا معززين مكرمين الى ان عادوا الى ديارهم واهلهم.إ ذا كان هدا هو حال ارتريا التى لا يمكن مقارنتها  لا بتركيا ولا الاردن من حيث الموارد والبنيات التحتية،فالسؤال الدى يطرح نفسه لما ذا إ ذن  لجأت تركيا والاردن الي مجلس الامن وأعلنتا على  رؤوس الاشهاد ضيقهما من تدفق اللاجئيين السوريين وطلبتا دعمهما دولياً لمواجهة إستحقاقات اللاجئين السوريين!؟.
 الطريقة التى تعاملت بها تركيا والاردن مع ملف اللاجئين السوريين لم تعجب الكثيرين، ففي حين كنا نتوقع منهما أن يحسنا وفادة وإستقبال اللاجئيين السوريين الـذين إضطرتهم الظروف إضطراراً لمغادرة ديارهم وأجبرتهم الأوضاع الأمنية المتفجرة علي ترك أهلهم وممتلكاتهم هرباً من جحيم نظام الاسد الـذى نجح في تحويل سوريا بين عشية وضحاها الي ساحة حرب مفتوحة لم ترحم لا صغيرا ولا كبيرا،لاحظ البعض أن(تركيا والاردن)بدلا من الترحيب بالسوريين وتوفير اسباب الحياة الكريمة لهم، بدأت إحداهما وهي تركيا تتحدث عن ضغوط يمارسها السكان المحليون والمعارضة لرفض اللاجئين السوريين، والأسوأ من دلك أن بعض الدوائر التركية بدأت تروج الى أن اللاجئين السوريين يشكلون قنبلة موقوتة في بلادهم. أما الاردن فحدث ولا حرج ،فقد شكت وبكت من عدم قدرتها على استقبال المزيد من اللاجئيين، وجأرت بالشكوى من ان اللاجئين السوريين باتوا يشكلون ضغطاً علي البنية التحتية والمياه وموارد الطاقة في الاردن ووصل الامر بوزير داخلية الاردن للحد الدى قال فيه امام البرلمان ان بلاده صبرت صبر ايوب علي تدفق اللاجئين السوريين. وليت الأمر توقف عند هدا الحد فقد إستمعت الى وزيري خارجية البلدين(تركيا والاردن) يطلبان من مجلس الامن الدولى فى جلسة الامس بنيويورك المخصصة لبحث أوضاع اللاجئيين السوريين الزام المجتمع الدولي بمساعدة حكومتى بلديهما لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين بطريقة أشبه ما تكون بالمتاجرة بملف اللاجئين السوريين.
بالأمس شهد العالم بأسره سقوط  الحكومة التركية والحكومة الاردنية في امتحان التعامل مع تداعيات أزمة اللاجئين السوريين عندما ضربتا بحقوق الجيرة وروابط العروبة والاسلام عرض الحائط ولم تراعيا روابط التاريخ والجغرافيا ولم تحترما مصالح الجوار المشترك، كما سقط من قبل مجلس الأمن والمجتمع الدولي باثره في إمتحان تعامله مع ملف الازمة السورية مضيعاً وقته في التعامل مع أعراض ومظاهر وإفرازات الأزمة بعد أن فشل في التعاطي الجاد مع جـذور الازمة ومعالجة مسبباتها الحقيقية.
*كاتب وناشط سياسي سودانى

No comments: